ملخص المقال
تشير المصادر أن ما صرف على حرب ما وصفوه بالإرهاب خلال الأعوام (2001-2006م) بلغ 437 مليار دولار
اعتمد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إستراتيجيةٍ مُعَيَّنة فيما يخص الحرب على الإرهاب, هذه الإستراتيجية تقول: إن المعركة الأساسية على الإرهاب هي في أفغانستان وباكستان وليس في العراق, وكان الرئيس أوباما قد قال ذلك إبّان حملته الانتخابية, وعندما وصل إلى سُدَّةِ البيت الأبيض نَفَّذَ تلك الإستراتيجية, فسحب عددًا من القوات من العراق, وأرسل المزيدَ إلى أفغانستان، كما شجع الحكومة الباكستانية على الدخول في حروب أهلية ضِدَّ حركة طالبان باكستان، خاصةً في وادي سوات , كما نجح الرئيس أوباما في إقناع عددٍ من دول الحلفاء بزيادةِ قُوَّاتها في أفغانستان.
وتدشينًا لهذه السياسة، بدأت القوات الأمريكية والغربية التابعة لحلف الناتو في عملية عسكرية كبيرة في جنوب أفغانستان هي عملية الخنجر, بهدف القضاء على حركة طالبان التي تسيطر على كثيرٍ من المناطق في تلك المنطقة، خصوصًا، وفي أفغانستان عمومًا, ويرى الخبراء الغربيون عموما, وإدارة أوباما خصوصا, أن فشل قوات الناتو في أفغانستان له مردود خطير أخطر من الفشل في العراق؛ لأنه سيحول تلك المنطقة إلى ملاذ آمن للجهاديين والإرهابيين وفلول القاعدة, مما يهدد الأمن العالمي, ويرى السياسي الأمريكي هنري كيسنجر أن السماح لطالبان بإحراز انتصار سيعطي دفعة هائلة للجهاديين على مستوى العالم, مما يهدد باستيلائهم على باكستان وتكثيف عملياتهم الإرهابية في مناطق أخرى من العالم.
وقد حَظِيَتْ خطة أوباما لزيادة النشاط العسكري في أفغانستان وباكستان ضد حركة طالبان بقبول داخلي أمريكي وقبول أوروبي وأطلسي, على عكس الحرب على العراق التي لم تحظ بمثل هذا الإجماع الأمريكي والأوروبي, ولكن رغم زيادة الجهود الأمريكية والأطلسية، وآخرها عملية الخنجر, فإن القدرة على استئصال طالبان أو حتى إضعافها ما زالت محل شك, فقد فشلت عملية الخنجر حتى الآن في إزاحة نفوذ طالبان أو التقليل من عمليات ضد قوات الناتو، وصحيح أن طالبان تستخدم الإستراتيجية التقليدية في عدم مواجهة قوات الناتو والقوات الأمريكية على طريقة الجيوش النظامية, لأنها لا تملك جيشا قادرا على ذلك, وهذا أمر بديهي, بل تنسحب مؤقتا ثم تمارس عملية إجهاد وإنزال ضربات فدائية بتلك القوات فيما يسمى "إستراتيجية الضعيف" أو إستراتيجية النمل أمام الفيل.
على كل حال فإنه في إطار عملية الخنجر نجحت طالبان في قتل عدد أكبر من الجنود الأمريكيين والبريطانيين بل والإيطاليين , وارتفع معدل الخسائر اليومي لتلك القوات عما كان من قبل, مما دفع الرأي العام البريطاني مثلا بمطالب بانسحاب القوات البريطانية من أفغانستان, وكذا نجحت طالبان في إسقاط طائرة هليوكوبتر تابعة للناتو مما أدى إلى مصرع ستة جنود غربيين على حد اعتراف قيادة الناتو, أو ثلاثين جنديا على حد تصريحات وتقديرات المتحدث باسم حركة طالبان.
الفشل الأمريكي في أفغانستان أخطر كثيرا من الفشل الأمريكي في العراق, فأفغانستان ذات تركيبة عرفية يمثل البشتون فيها الأغلبية، وهم مع طالبان في غالبيتهم، بعكس العراق الذي تتوازى فيه الأعراف والمذاهب عند مصلحة المقاومة التي تعتمد على السنَّة أساسا, كما أن الأمريكيين فشلوا حتى الآن في إقامة مجالس للصحوات في أفغانستان على عكس العراق التي نجحت فيها الصحوات في تحجيم المقاومة إلى حد ما ولو مؤقتا, كما أن حركة طالبان لها امتدادات في دول الجوار مثل باكستان, وكذا القاعدة لها امتدادات في كل دول الجوار تقريبا (باكستان, الصين, الهند) مما يجعل هناك تهديدا إستراتيجيا إقليميا تمثله القاعدة وطالبان في تلك المنطقة, وبالإضافة إلى ذلك فإن الأوضاع الإقليمية والدولية تعمل حتى الآن لصالح طالبان لأن تفاقم المشاكل بين أمريكا وإيران بسبب الانتخابات الرئاسية الأخيرة جعل من الصعب على أوباما إقناع طهران في القضاء على طالبان, وجعل من الصعب على الإدارة في طهران إظهار أي قدر من التعاون أو التفاهم مع الأمريكان؛ لأن التشدد هنا يقيد الرئيس نجاد الذي يبحث عن مشروعية أكبر بالظهور بمظهر المعادي لأمريكا والغرب.
الفشل الأمريكي في أفغانستان هو خنجر ارتد إلى صدر الرئيس الأمريكي أوباما, وهو يعني أن سياسة بوش فشلت في أفغانستان, وكذا سياسة أوباما, الأمر الذي يعني أن كل الإستراتيجيات والسياسات الأمريكية قد فشلت في أفغانستان، وأن طالبان أفغانستان قد صمدت في مواجهة كل الإستراتيجيات الأمريكية والأطلسية, وهو أمر له ما بعده على مستوى مستقبل طالبان ومستقبل كُلٍّ من أفغانستان وباكستان, بل وارتفاع الروح المعنوية لحركات المقاومة في كل مكان.
المصدر: موقع الإسلام اليوم.
التعليقات
إرسال تعليقك